responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 129
[سورة التوبة (9): آية 35]
يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ) " يَوْمَ" ظَرْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ يُحْمَى. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى تقدير: فبشر هم يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ لَا تَكُونُ حِينَئِذٍ. يُقَالُ: أَحْمَيْتُ الْحَدِيدَةَ فِي النَّارِ، أَيْ أَوْقَدْتُ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ: أَحْمَيْتُهُ، وَلَا يُقَالُ: أَحْمَيْتُ عليه. وها هنا قَالَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ جَعَلَ" عَلَى" مِنْ صِلَةِ مَعْنَى الْإِحْمَاءِ، وَمَعْنَى الْإِحْمَاءِ الْإِيقَادُ. أَيْ يُوقَدُ عَلَيْهَا فَتُكْوَى. الْكَيُّ: إِلْصَاقُ الْحَارِّ مِنَ الْحَدِيدِ وَالنَّارِ بِالْعُضْوِ حَتَّى يَحْتَرِقَ الْجِلْدُ. وَالْجِبَاهُ جَمْعُ الْجَبْهَةِ، وَهُوَ مُسْتَوى مَا بَيْنَ الْحَاجِبِ إِلَى النَّاصِيَةِ. وَجَبَهْتُ فُلَانًا بِكَذَا، أَيِ اسْتَقْبَلْتُهُ بِهِ وَضَرَبْتُ جَبْهَتَهُ. وَالْجُنُوبُ جَمْعُ الْجَنْبِ. وَالْكَيُّ فِي الْوَجْهِ أَشْهَرُ وَأَشْنَعُ، وَفِي الْجَنْبِ وَالظَّهْرِ آلَمُ وَأَوْجَعُ، فَلِذَلِكَ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَقَالَ عُلَمَاءُ الصُّوفِيَّةِ: لَمَّا طَلَبُوا الْمَالَ وَالْجَاهَ شَانَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ، وَلَمَّا طَوَوْا كَشْحًا [1] عَنِ الْفَقِيرِ إِذَا جَالَسَهُمْ كُوِيَتْ جُنُوبُهُمْ، وَلَمَّا أسندوا ظهور هم إِلَى أَمْوَالِهِمْ ثِقَةً بِهَا وَاعْتِمَادًا عَلَيْهَا كُوِيَتْ ظهور هم. وَقَالَ عُلَمَاءُ الظَّاهِرِ: إِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ لِأَنَّ الْغَنِيَّ إِذَا رَأَى الْفَقِيرَ زَوَى مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ [2] وَقَبَضَ وَجْهَهُ. كَمَا قَالَ «[3]»:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ عَنِّي [4] كَأَنَّمَا ... زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عَلَيَّ الْمَحَاجِمُ
فَلَا يَنْبَسِطُ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْكَ مَا انْزَوَى ... وَلَا تَلْقَنِي إِلَّا وَأَنْفُكَ رَاغِمُ
وَإِذَا سَأَلَهُ طَوَى كَشْحَهُ، وَإِذَا زَادَهُ فِي السُّؤَالِ وَأَكْثَرَ عَلَيْهِ وَلَّاهُ ظَهْرَهُ. فَرَتَّبَ اللَّهُ العقوبة على حال المعصية.

[1] طوى كشحه عنه: إذا أعرض عنه.
[2] جمعه وقبضه.
[3] القائل هو الأعشى كما في ديوانه. [ ..... ]
[4] وفية: يغض الطرف دوني.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست